مقالات وأراء

اليتيم في أحضان الشريعة الإسلامية بقلم الداعية الإسلامي الشيخ خالد أبو عيد الهاشمى

 جاء الإسلام بشريعة غراء متكاملة تشمل كل جوانب الحياة المادية والمعنوية والنفسية لم تترك مجالا لافتراء أو تشكيك فى صلاحية هذا الدين في كل مكان وزمان ومن أهم هذه الجوانب التي اهتمت بها الشريعة الغراء كفالة اليتيم ذلك العضو الضعيف الذي فقد العائل والمعين فى دنيا كانت قبل مجىء الإسلام غايه يأكل فيها القوى الضعيف تلك حقيقة ثابته وجزء من الظلام الذي عم الكون قبل ميلاد النور محمد صلى الله عليه وسلم ذلك النور الإلهى الذي أزال عن البشرية ظلامها الدامس ومد يد العون والرحمة لأولئك البائسين وفتح أمامهم آفاقاً رحبه من الأمل.

 

 وأكبر دليل على ذلك ما قدمته الشريعة الغراء من تشريعات لحماية اليتيم ورعايته نص على ذلك القرآن الكريم والسنة النبوية فالقرآن الكريم وجهة رسائل عديدة فى مواضع كثيرة في آيات خاصه بالاهتمام باليتيم والإحسان إليهم فقال الله تعالى ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ ۖ قُلْ إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ ۖ وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) ( ويقول تعالى ” وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً ” (النساء 36) .

 

وفى الجانب الآخر حذر الحق تعالى كل من ولي أمر اليتيم ونهي عن الاقتراب من ماله إسرافًا فقال تعالى سبحانه ” وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوف” (سورة النساء: 6 )ِ ثم يصور الحق سبحانه من يأكل مال اليتيم بصورة من يأكل النار فقال تعالى ” إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ” (النساء :10) كما يحذرنا الحق سبحانه من قهر اليتيم ونهر المسكين فيقول سبحانه : ” فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ *وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ” (الضحى 9 11).

 

 اما السنة النبوية التى جاءت على لسان الصدق فقد اهتمت باليتتم وجعلت منه سببا من أسباب دخول الجنة وكذلك جعلته سببا من اسباب دخول النار ولقد حفلت كتب السنة بأحاديث نبويه شريفة وقصص من الأثر تصلط الضوء على رعاية اليتيم فمما ورد في هذا السياق أن رجلاً جاء يشكوا قسوة قلبه والحديث رواه الطبرانى فى الكبير وصححه الالبانى عن ابى الدرداء رضى الله عنه قال ” اتى النبى صلى الله عليه وسلم رجل يشكوا قسوة قلبه فقال له صلى الله عليه وسلم أتحب ان يلين قلبك وتدرك حاجتك قال الرجل نعم..قال له :ارحم اليتيم وامسح رأسه واطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك ” وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً ) رواه البخاري.

 

 قال الحافظ بن حجر قول ابن بطال – حق على كل من سمع هذا الحديث ان يعمل به ليكون رفيق النبى صلى الله عليه وسلم فى الجنه ولا منزلة فى الاخرة افضل من ذلك مع العلم أنه لم تقتصر رفقة النبى صلى الله عليه وسلم على القريب فقط لليتم بل نال هذا الشرف شرف صحبته القريب وغير القريب فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كافل اليتيم له أو لغيره وأنا وهو كهاتين في الجنة) رواه مسلم.

 

 بل سيزداد تعلقك باليتيم حينما تسمع هذا الحديث الذى رواه احمد عن عمرو ابن مالك القشيرى انه صلى الله عليه وسلم قال – ” مَنْ ضَمَّ يَتِيمًا بَيْنَ أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ إِلَى طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْهُ ، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ الْبَتَّةَ ، واجمل من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله وأحسبه قال: وكالقائم الذي لا يفتر وكالصائم لا يفطر) رواه البخاري ومسلم روى الطبرانى ورواته ثقات عن ابى هريرة رضى الله عنه انه صلى الله عليه وسلم قال: ” وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لا يُعَذِّبُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ رَحِمَ الْيَتِيمَ ، وَلانَ لَهُ فِي الْكَلامِ ، وَرَحِمَ يُتْمَهُ وَضَعْفَهُ ، وَلَمْ يَتَطَاوَلْ عَلَى جَارِهِ بِفَضْلِ مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ.

 

 ” إننا منذ زمن بعيد غابت فيه تعاليم الإسلام السمحة نسمع ناقوس الخطر يدق بصوت يسمعه القاصى والدانى يحذرنا من هذا الخطر الداهم الناتج من إهمال اليتيم وتركه عرضه للانحراف فيصبح مرضا يفتك بجسد الأمه بدلاً من أن يصبح عضوا نافعاً لنفسه ولمجتمعه ولن يكون ذلك إلا بالعناية به ورعايته والإحسان إليه ولكننا نجعل اصابعنا فى آذاننا ونسير خلف اهواءنا فهل يستفيق المجتمع وبسارع فى مد يد العون لهؤلاء ويعمل على احتضانه كما أمرت بذلك شريعتنا فاللهم إنا نسألك مرافقة نبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم في الجنة

 

اظهر المزيد

admin

مجلس إدارة الجريدة الدكتور أحمد رمضان الشيخ محمد القطاوي رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) تليفون (phone) : 01008222553  فيس بوك (Facebook): https://www.facebook.com/Dr.Ahmed.Ramadn تويتر (Twitter): https://twitter.com/DRAhmad_Ramadan الأستاذ محمد القطاوي: المدير العام ومسئول الدعم الفني بالجريدة. الحاصل علي دورات كثيرة في الدعم الفني والهندسي للمواقع وإنشاء المواقع وحاصل علي الليسانس من جامعة الأزهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »